-A +A
حمود أبو طالب
ظهر وزير الخارجية الإيراني يوم الجمعة في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية اللبناني في بيروت، وقبل إجاباته عن أسئلة الإعلاميين تحدث بإسهاب عن علاقات إيران بدول المنطقة، ومن استمع لذلك الحديث يُخيل له أنه يتحدث عن دولة أخرى غير إيران، دولة تمثل حمامة السلام، وتحرص على علاقات ودية متكافئة تحترم سيادة الدول الأخرى، وليس إيران التي نعرفها وتعرف كل دول العالم نهجها وطبيعة سياساتها وأدوارها في المنطقة وخارجها.

يهمنا في حديثه جانبان، علاقة إيران بلبنان، وعلاقتها بالمملكة.. بالنسبة للبنان أكد الوزير دون تردد أن إيران تحرص كل الحرص على أمن واستقرار لبنان (الشقيق) بحسب وصفه، وأنها لا تتدخل أبداً في سياسته الداخلية، وأن موقفها بالنسبة للشغور الرئاسي والفراغ السياسي موقف محايد، والأمر متروك بأكمله للبنانيين، وكل ما تقوم به إيران هو دعم خيارات الشعب اللبناني. هكذا تحدث وزير الخارجية الإيراني، وكأنه لا يوجد كيان إيراني اسمه حزب الله يتحكم في مسارات السياسة اللبنانية ويفرض ما يشاء بتوجيهات طهران، وتتدفق الأسلحة الإيرانية إلى معسكراته ليصبح القوة العسكرية الأولى التي تمارس الخراب في لبنان وخارجه.


وعندما سُئل الوزير عن الجديد في علاقات إيران بالمملكة أشار إلى أن إيران لم تكن في أي وقت البادئة بقطع علاقاتها مع أي دولة في العالم الإسلامي، وأن الحوار مع المملكة قائم، ويتطلع إلى فتح سفارتي البلدين في الرياض وطهران. ربما كان الوزير محقاً في النقطة الأولى لأن إيران هي التي تدفع الدول لقطع علاقاتها معها بعد نفاد كل المحاولات لإقناعها بتغيير سياساتها لتكون دولةً متحضرةً ملتزمة بقوانين العلاقات بين الدول، وعدم المساس بأمن الدول الأخرى عن طريق وكلائها، أو تصدير مشروعها الأيديولوجي والإصرار على فرضه خارجها.

المملكة كما يعرف المجتمع الدولي دولة تسعى إلى علاقات ودية مع كل الدول، وحريصة على مد جسور التعاون معها، وقد أبدت نواياها الطيبة تجاه إيران، لكن النظام الإيراني هو الذي يصر على توتر العلاقات بسبب استمراره في سياساته الضارة بالآخرين، وهو الذي يراوغ ويخادع، ولم يقدم بادرةً عملية تؤكد مصداقيته في السعي إلى علاقات طيبة مع المملكة، ومستمر في إشعال بؤر الفوضى في أكثر من دولة عربية. لذلك نقول لمن يتحدثون باسم النظام الإيراني لا تزايدوا على مواقف المملكة، ولا تزيفوا الحقائق؛ لأن العالم يعرف نهجها وسياستها ومواقفها، وكذلك يعرف جيداً نهجكم وسياساتكم.